كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال بعض العارفين‏:‏ إذا عملت معصية بمحل فلا تبرح حتى تعمل فيه طاعة، فكما تشهد عليك تشهد لك، ثم تحول عنه لغيره لئلا تتذكر المعصية فتستحليها فتزيد ذنباً إلى ذنبك، وكذا ثوبك الذي عصيت فيه، ولا تحلق رأسك ولا تقص ظفرك إلا وأنت متطهر، فإن أجزاءك مسؤولة عنك كيف تركتك‏.‏

- ‏(‏حم في‏)‏ كتاب ‏(‏الزهد‏)‏ الكبير ‏(‏عن عطاء بن يسار‏)‏ بتحيتة ومهملة‏:‏ الهلالي مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها وصاحب مواعظ وعبادة‏.‏ قال العراقي‏:‏ وقيه انقطاع‏.‏

764 - ‏(‏إذا عملت‏)‏ يا أبا ذر القائل يا رسول الله أوصني ‏(‏سيئة فأتبعها‏)‏ بقطع الهمزة ‏(‏حسنة تمحها‏)‏ أي فإنها تذهبها‏.‏ قال القاضي‏:‏ صغار الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات‏.‏ وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله ‏{‏إن الحسنات يذهبن السيئات‏}‏ وقوله عليه السلام ‏"‏وأتبع السيئة الحسنة تمحها‏"‏ أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة‏.‏ اهـ‏.‏ وأقره الطيبي‏.‏ قال الغزالي والأولى إتباعها بحسنة من جنسها لكي تضادها، قال‏:‏ فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن ومجالس الذكر، والقعود في المسجد جنباً بالاعتكاف فيه‏.‏ ومس المصحف بإكرامه وكثرة القراءة فيه، وبأن يكتب مصحفاً ويقفه‏.‏ وشرب الخمر بالتصديق بكل شراب حلال طيب، وقس عليه‏.‏ والقصد سلوك طريق المضادة فإن المرض يعالج بضده فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية لا يمحوها إلا نور يرتفع إليه بحسنة تضاده‏.‏ والمتضادات هي المتناسات، فإن البياض يزال بالسواد لا بالحرارة مثلاً‏.‏ وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه، ولا كذلك، بل بقيته عند أحمد وغيره‏.‏ قال أبو ذر قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله‏؟‏ قال هي أفضل الحسنات‏.‏

قال القونوي‏:‏ الطاعات كلها مطهرات، فتارة بطريق المحو المشار إليه بقوله تعالى ‏{‏إن الحسنات يذهبن السيئات‏}‏ وبقوله هنا‏:‏ إذا عملت سيئة إلخ، وتارة بطريق التبديل المشار إليه بآية ‏{‏إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات‏}‏ فالمحو المذكور عبارة عن حقيقة العفو والتبديل عن مقام المغفرة، وإن تنبهت لذلك عرفت الفرق بين العفو والمغفرة‏.‏ ثم اعلم أن لكل من المعاصي والطاعات خواص تتعدى من ظاهر الإنسان لباطنه وبالعكس، ثم منها ما يقبل الزوال بسرعة وما لا يقبل إلا ببطء وكلفة، ومنها ما يستمر حكمه إلى الموت ويزول في البرزخ، ومنها ما لا يزول إلا في المحشر، ومنها ما لا يزول إلا بعد دخول النار وقد نهت الشريعة على كل ذلك‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي ذر‏)‏ رمز لصحته وهو غير صواب فقد قال الهيتمي رجاله ثقات، إلا أن شهر ‏[‏ص 407‏]‏ ابن عطية حدث به عن أشياخه عند أبي ذر ولم يسم أحداً منهم‏.‏

765 - ‏(‏إذا عملت عشر سيئات فاعمل‏)‏ في مقابلتها ولو ‏(‏حسنة‏)‏ واحدة ‏(‏تحدرهن‏)‏ بفتح المثناة فوق وضم الدال أي تسقطهن بسرعة من الحدور ضد الصعود‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ أحدر القراءة أسرع فيها فحطها عن حالة التمطيط، والعين تحدر الدمع ‏(‏بها‏)‏ لأن السيئة سيئة واحدة والحسنة الواحدة بعشر أمثالها، وفي إشعاره رمز إلى رد قول البعض إنما يكفر الذنوب الذي ارتكبه العاصي عشر مرات أن يتمكن منه عشر مرات مع صدق الشهوات ثم يصبر عنه ويكسر شهوته خوفاً منه تعالى‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن عمرو بن الأسود مرسلاً‏)‏ هو العبسي الشامي‏.‏

766 - ‏(‏إذا عملت‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏الخطيئة‏)‏ المعصية ‏(‏في الأرض كان من شهدها‏)‏ أي حضرها ‏(‏فكرهها‏)‏ بقلبه، وفي رواية أنكرها ‏(‏كمن غاب عنها‏)‏ في عدم الإثم له، والكلام فيمن عجز عن إزالتها بيده أو لسانه ‏(‏ومن غاب عنها فرضيها‏)‏ لفظ رواية ابن حبان فأحبها ‏(‏كان كمن شهدها‏)‏ أي حضرها في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما‏.‏ لأن الراضي بالمعصية في حكم العاصي، والصورة الأولى فيها إعطاء الموجود حكم المعدوم والثانية عكسه‏.‏ قال الراغب‏:‏ والخطيئة والسيئة متقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لم يكن مقصوداً إليه في نفسه، بل يكون القصد سبب ضد ذلك الفعل، بخلاف السيئة‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الفتن ‏(‏عن العرس‏)‏ بضم فسكون ‏(‏ابن عميرة‏)‏ بفتح أوله الكندي، قال ابن حجر‏:‏ قيل عميرة أمه، واسم أبيه قيس بن سعيد بن الأرقم، رمز لصحته‏.‏

767 - ‏(‏إذا غربت الشمس‏)‏ في كل يوم ‏(‏فكفوا صبيانكم‏)‏ أي أطفالكم عن الانتشار في الدخول والخروج ‏(‏فإنها ساعة ينشر فيها الشيطان‏)‏ لامه للجنس بدليل رواية الشياطين، وليس فيه ذكر نهاية الكف، وذكره في حديث آخر بقوله‏:‏ حتى تذهب فوعة العشاء‏.‏ وإنما أمر بكفهم في ذلك الوقت لأن الشمس سلطان قاهر فلا تقاومها الأرواح المارجية، بل تمسك عن النصرفات ما دام ظاهراً في العالم السفلي، فاذا استتر عنه في مغيبه صارت الشياطين كأنهم قد انطلقوا من حبس، فتندفع دفعة رجل واحد، فمهما صادفوه من الصبيان في تلك الحالة أصابوه فآذوه، فإذا ذهبت فوعة العشاء تفرقوا وتبددوا، فهذا سر أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز لحسنه

768 - ‏(‏إذا غضب أحدكم‏)‏ لشيء نابه ‏(‏فليسكت‏)‏ عن النطق بغير الذكر المشروع، لأن الغضب يصدر عنه من قبيح القول ما يوجب الندم عليه عند سكون سورة الغضب‏:‏ ولأن الانفعال ما دام موجوداً فنار الغضب تتأجج وتتزايد، فإذا سكت أخذت في الهدوء والخمود، وإن انضم إلى السكوت الوضوء كان أولى، فليس شيء يطفىء النار كالماء‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ زاد في الأصل وحسن

769 - ‏(‏إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس‏)‏ ندباً ‏(‏فإن ذهب عنه الغضب‏)‏ فذاك ‏(‏وإلا‏)‏ بأن استمر ‏(‏فليضطجع‏)‏ ‏[‏ص 408‏]‏ على جنبه لأن القائم متهيء للانتقام، والجالس دونه، والمضطجع دونهما‏.‏ والقصد أن يبتعد عن هيئة الوثوب والمبادرة للبطش ما أمكن حسماً لمادة المبادرة‏.‏ وحمل الطيبي ‏(‏قوله وحمل‏:‏ بفتح الحاء وسكون الميم مبتدأ‏)‏ الاضطجاع هنا على التواضع والخفض، لأن الغضب منشؤه الكبر والترفع‏:‏ صرف ‏(‏قوله صرف‏:‏ خبر المبتدأ الماء، وهو حمل اهـ‏.‏‏)‏ للفظ عن ظاهره بلا ضرورة‏.‏ قال اابن العربي‏:‏ والغضب يهيج الأعضاء اللسان أولاً ودواؤه السكوت‏.‏ والجوارح بالإستطالة ثانياً ودواؤه الاضطجاع‏.‏ وهذا إذا لم يكن الغضب لله، وإلا فهو من الدين، وقوة النفس في الحق‏:‏ فبالغضب قوتل الكفار وأقيمت الحدود وذهبت الرحمة عن أعداء الله من القلوب وذلك يوجب أن يكون القلب عاقداً والبدن عاملاً بمقتضى الشرع‏.‏ وفي الحديث وما قبله أن الغضبان مكلف‏.‏ لأنه كلفه بما يسكنه من القول والفعل، وهذا عين تكليفه بقطع الغضب‏.‏ وما نقل عن الفضيل وغيره أن من كان سبب غضبه مباحاً كالسفر، أو طاعة كالصوم فغير مكلف بما يصدر عنه‏:‏ فمؤول‏.‏

- ‏(‏حم د حب‏)‏ من رواية أبي الأسود ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ قال كان أبو ذر يسقي على حوض فأغضبه رجل فقعد، ثم اضطجع‏.‏ فقيل له فيه، فقال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فذكره‏.‏ قال الهيتمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

770 - ‏(‏إذا غضب الرجل‏)‏ يعني الإنسان، ولو أنثى ‏(‏فقال أعوذ بالله‏)‏ زاد في رواية الطبراني‏:‏ من الشيطان الرجيم ‏(‏سكن غضبه‏)‏ لما يأتي في خبر‏:‏ إن الغضب من الشيطان‏:‏ أي من إغوائه ووسوسته، والاستعاذة من أقوى سلاح المؤمن على دفع كيد اللعين إبليس ومكره‏.‏ وإذا تأمل معنى الاستعاذة وهو الإلتجاء إلى الله تعالى والاعتصام به وضم له التفكر فيما ورد في كظم الغيظ وثوابه واستحضر أن الله أعظم قدرة من قدرته على من غضب عليه سكن غضبه لا محالة‏.‏

- ‏(‏عد عن أبي هريرة‏)‏ بإسناد ضعيف‏.‏ وورد من عدة طرق للطبراني الصغير والأوسط عن ابن مسعود رفعه بنحوه‏.‏ قال الهيتمي‏:‏ ورجاله تقات وفي بعضها اختلاف‏.‏

771 - ‏(‏إذا فاءت الأفياء‏)‏ جمع فيء وهو رجوع الظل الحاصل من حاجز بينك وبين الشمس عن المغرب إلى المشرق فلا يكون إلا بعد الزوال، فالمعنى إذا رجعت ظلال الشواخص من جانب المغرب إلى المشرق ‏(‏وهبت الأرواح‏)‏ جمع ريح‏.‏ لأن أصلها الواو، وتجمع على أرياح قليلاً ورياح كثيراً ‏(‏فاذكروا حوائجكم‏)‏ أي اطلبوها من الله تعالى في تلك الساعة ‏(‏فإنها ساعة الأوابين‏)‏ أي المكثرين الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة والمطيعين أي المسبحين‏:‏ يعني هو الوقت الذي يتوجه فيه الأبرار إلى الله تعالى أو الوقت الذي يتصدون فيه إلى إسعاف ذوي الحاجات وإعانتهم بالشفاعة إلى الله تعالى فهي مظنة لاستجابة الدعاء وقضاء الحوائج‏.‏

- ‏(‏عب عن أبي سفيان مرسلاً‏)‏ أبو سفيان في التابعين متعدد، فكان ينبغي تمييزه ‏(‏حل‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن‏)‏ عبد الله ‏(‏بن أبي أوفى‏)‏ بفتح الهمزة وسكون الواو بألف مقصوراً علقة ابن خالد المدني الأسلمي له ولأبيه ولأخيه صحبة‏.‏

772 - ‏(‏إذا فتحت مصر‏)‏ أرض جامعة كليتها وجملة أقليمها نازلة منزلة الأرض كلها، فلها إحاطة بوجه ما فلذلك أعظم شأنها في القرآن‏:‏ أي والسنة‏.‏ وأن العالي منها من الفراعنة‏.‏ ذكره الحراني‏.‏ قال ابن زولاق‏:‏ ذكرت مصر في القرآن في ثمانية وعشرين موضعاً‏.‏ قال المصنف بل أكثر من ثلاثين وسردها ‏(‏فاستوصوا بالقبط‏)‏ كسبط أهل مصر ‏[‏ص 409‏]‏ وقد تضم القاف في النسبة ‏(‏خيراً‏)‏ أي اطلبوا الوصية من أنفسكم بإتيان أهلها خيراً‏.‏ أو معناه‏:‏ اقبلوا وصيتي فيهم، يقال أوصيته فاستوصى أي قبل الوصية يعني إذا استوليتم عليهم وتمكنتم منهم فأحسنوا إليهم وقابلوهم بالعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم وقبح أقوالهم على الإساءة إليهم‏.‏ فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة، ثم علله بقوله ‏(‏فإن لهم ذمة‏)‏ ذماماً وحرمة وأماناً من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن أمه مارية منهم ‏(‏ورحماً‏)‏ بفتح فكسر‏:‏ قرابة، لأن هاجر أم إسماعيل منهم، وفي رواية قرابة وصهراً، فالذمة بإعتبار إبراهيم، والرحمة بإعتبار هاجر‏.‏ ذكره جمع‏.‏ وقال الزركشي‏:‏ المتجه أنه أراد بالذمة العهد الذي دخلوا به في الإسلام زمن عمر، فإن مصر فتحت صلحاً، وهذا مما كوشف به من الغيب ومن معجزاته حيث أوقع الحال موقع الاستقبال ففتحت على أتم الأحوال في سنة عشرين من الهجرة ثم فيه معجزة أخرى هي إخباره بأن سيقع منهم ما يوجب العقاب بخروج المصريين على عثمان أولاً، وقتلهم محمد بن أبي بكر ثانياً، وهو وال عليها من قبل علي الإمام الحق، ومع ذلك ففيه إشعار بمحبته لأهل مصر، وإن فرط منهم ما فرط‏.‏ ومن فضائلهم أن أكثر المجددين على رأس كل قرن منهم‏.‏

- ‏(‏طب ك عن كعب بن مالك‏)‏ بن كعب الأنصاري السلمي الشاعر أحد الثلاثة الذين تيب عليهم‏.‏ قال الهيتمي‏:‏ رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح‏.‏ قال المصنف كالزركشي وأصله في مسلم‏:‏ أي ولفظه‏:‏ إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القبط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحماً‏.‏

773 - ‏(‏إذا فتح‏)‏ بلبناء للمفعول‏:‏ أي فتح الله ‏(‏على العبد‏)‏ أي الإنسان‏:‏ الدعاء بأن أفيض على قلبه نوراً فيشرح به صدره للدعاء واقبل بشراشره على النطق به ‏(‏فليدع‏)‏ ندباً مؤكد ‏(‏ربه‏)‏ بما أحب من مهماته الأخروية والدنيوية ‏(‏فإن الله يستجيب له‏)‏ أي يعطيه عن المسؤول، وإلا فهو سبحانه أطلق الاستجابة للداعي ولم يخص ذلك بوقت ‏{‏وقال ربكم ادعوني أستجب لكم‏}‏ وإنما أورد عليك الوارد لتكون عليه وارداً متى أطلق لسانك بالطلب، فاعلم أنه يريد أن يعطيك، وعند الفتح تتوجه رحمة الله للعبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء لأنها وسعت كل شيء وتخلف الإجابة كثيراً لتخلف بعض شروط الدعاه وأركانه، وفيه حث أكيد على الدعاء ورد على من رأى أن ترك الدعاء أفضل، لكنه من المقامات عندهم، فلأجل ذلك لا ينكر فضله وإن فضلنا فعله فقد ابتلى بعض عظماء الأولياء بالجذام وكان يحفظ الاسم الأعظم، فقيل له ألا تدعو‏؟‏ فقال ما كنت لأطلب الإقالة من أمر اختاره لي‏.‏

قال في الحكم إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبالي معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك والآعمال أنت تهديها إليه‏.‏ وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك‏؟‏

- ‏(‏ت عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أنس‏)‏ وفيه عبد الرحمن بن أبي مليكة‏.‏ قال في الكشف ضعيف‏.‏

774 - ‏(‏إذا فعلت‏)‏ في رواية عملت ‏(‏أمتي خمس عشرة خصلة‏)‏ بالفتح‏:‏ أي خلة، وخصها لأنها أمهات الخطايا وعنها تتفرع القبائح ‏(‏فقد حل بها البلاء‏)‏ أي نزل أو وجب‏.‏ قيل وما هي‏؟‏ قال ‏(‏إذا كان المغنم‏)‏ كمقعد‏:‏ الغنيمة ‏(‏دولاً‏)‏ بكسر ففتح جمع دولة بالضم والفتح اسم لكل ما يتداول من المال‏:‏ يعني‏:‏ إذا كان الأغنياء وأهل الشرف والمناصب يتداولون أموال الفيء ويستأثرون بحقوق العجزة والفقراء ويمنعون الحق عن مستحقيه قهراً وغلبة كما هو صنيع أهل الجاهلية وذي العدوان ‏(‏والأمانة مغنماً‏)‏ أي غنيمة يذهبون بها ويغنمونها فيرى أن من بيده أمانة أن الخيانة فيها غنيمة غنمها ‏(‏والزكاة مغرماً‏)‏ أي يشق عليهم أداؤها بحيث يعدون إخراجها غرامة يغرمونها ومصيبة يصابونها ‏[‏ص 410‏]‏ ‏(‏وأطاع الرجل زوجته‏)‏ يعني حليلته فيما تروم منه وإن خالف الشرع ‏(‏وعق أمه‏)‏ أي عصاها وأذاها‏.‏ وفحوى الخبر دال على أن المراد أنه قدم رضا امرأته على رضا أمه فتغضب تلك لرضا هذه عند تباين غرضيهما‏.‏ وخص الأم - مع كون عقوق الآباء كذلك - لأن عقوقها أقبح لضعفها ‏(‏وبر صديقه‏)‏ أي أحسن إليه وأدناه وتفضل عليه وجباه ‏(‏وجفا أباه‏)‏ أبعده وأقصاه وأعرض عنه وقلاه وترك صلته وأهمل مودته‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وقوله أدنى صديقه وجفا أباه‏:‏ كلاهما قرينة لقوله وأطاع امرأته وعق أمه، لكن المذموم في الأول الجمع بينهما لأن إدناء الصديق محمود بخلاف الثانية فإن الإفراد والجمع بينهما مذمومان ‏(‏وارتفعت الأصوات‏)‏ أي علت أصوات الناس ‏(‏في المساجد‏)‏ بالخصومات ونحوها‏:‏ كالبيع والشراء إلا بالذكر والدعاء ‏(‏وكان زعيم القوم‏)‏ أي رئيسهم أو أميرهم‏:‏ يقال زعم القوم يزعم زعامة‏:‏ تأمر ‏(‏أرذلهم‏)‏ أي أخسهم وأسفلهم ‏(‏وأكرم الرجل‏)‏ بالبناء للمفعول‏:‏ أي أكرم الناس الإنسان ‏(‏مخافة شره‏)‏ أي خشية من تعدي شره إليهم وجنايته عليهم ‏(‏وشربت الخمور‏)‏ جميعها لاختلاف أنواعها‏:‏ إذ كل مسكر خمر، يعني أكثر الناس من شربها‏.‏ والمراد تجاهروا به ‏(‏ولبس الحرير‏)‏ بالبناء للمفعول‏:‏ أي لبس الرجال الحرير الخالص أو ما أكثره منه بلا ضرورة ‏(‏واتخذت القينات‏)‏ أي اتخذ الناس الإماء المغنيات ‏(‏والمعازف‏)‏ بمهملة وزاي مكسورة أي الدفوف ‏(‏ولعن آخر هذه الأمة أولها‏)‏ أي لعن أهل الزمن الآخر الصدر الأول من الصحابة والتابعين الذين مهدوا قواعد الدين وأصلوا أعلامه وأحكموا أحكامه‏.‏ والمراد باللعن الطعن والذكر بالسوء وعدم الاقتداء بهم في الأعمال والاعتقاد ‏(‏فليرتقبوا‏)‏ أي فلينتظر الناس ‏(‏عند ذلك ريحاً حمراء‏)‏ أي حدوث هبوب ريح حمراء‏.‏ وأفردها لأن المفردة للعذاب، والجمع للرحمة ‏(‏أو خسفاً‏)‏ أي ذهاباً وغوراً في الأرض‏:‏ يعني يقع لبعضهم ذلك وكذا يقال في قوله ‏(‏أو مسخاً‏)‏ أي قلب الخلقة من صورة إلى صورة‏.‏ وتمسك به الخطابي على أن الخسف والمسخ قد يكونان في هذه الأمة كما كانا في الأمم الماضية، وزعم أن مسخها إنما يكون بالقلوب لا بالصور لا دليل عليه‏.‏ قال ابن تيمية‏:‏ وإنما يكون الخسف والمسخ إذا استحلوا هذه المحرمات بتأويل فاسد، فإنهم لو يستحلوها مع اعتقاد أن الشارع حرمها كفروا ولم يكونوا من أمته، ولو كانوا معترفين بحرمتها لما عوقبوا بالمسخ كسائر من يفعل هذه المعاصي مع اعترافهم بأنها معصية‏.‏

- ‏(‏ت عن علي‏)‏ قال الترمذي غريب تفرد به فرج بن فضالة وهو ضعيف‏.‏ وقال العراقي والمنذري ضغيف لضعف فرج بن فضالة‏.‏ وقال الدار قطني حديث باطل وقال الذهبي منكر، وقال ابن الجوزي مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به‏.‏

775 - ‏(‏إذا قال الرجل‏)‏ يعني الإنسان ‏(‏لأخيه‏)‏ أي في الإسلام الذي فعل معه معروفاً ‏(‏جزاك الله خيراً‏)‏ أي قضى لك خيراً وأثابك عليه‏:‏ يعني أطلب من الله أن يفعل ذلك بك ‏(‏فقد أبلغ في الثناء‏)‏ أي بالغ فيه وبذل جهده في مكأفاته عليه بذكره بالجميل وطلبه له من الله تعالى الأجر الجزيل، فإن ضم لذلك معروفاً من جنس المفعول معه كان أكمل هذا ما يقتضيه هذا الخبر، لكن يأتي في آخر ما يصرح بأن الاكتفاء بالدعاء إنما هو عند العجز عن مكافأته بمثل ما فعل معه من المعروف‏.‏ ثم إن الدعاء المذكور إنما هو للمسلم كما تقرر، أما لو فعل ذمي بمسلم معروفاً فيدعو له بتكثير المال والولد والصحة والعافية‏.‏

- ‏(‏ابن منيع‏)‏ في معجمه ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة ابن زرارة عن أبي هريرة وفيه عمر بن ‏[‏ص 411‏]‏ زرارة الطرطوسي شيخ مغفل وموسى بن عبيدة الرندي ضعفوه، ورواه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة‏.‏ قال الهيتمي فيه‏:‏ وفيه موسى الرندي ضعيف‏.‏

776 - ‏(‏إذا قال الرجل لأخيه‏)‏ المسلم ‏(‏يا كافر فقد باء بها‏)‏ أي رجع بتلك المقالة أحدهما ورجع بتلك الكلمة على ما مر بيانه موضحاً

- ‏(‏خ عن أبي هريرة حم خ عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب‏.‏

777 - ‏(‏إذا قال العبد يارب يارب قال‏)‏ الله ‏(‏لبيك عبدي‏)‏ أي إجابة بعد إجابة‏.‏ وأتى بلفظ التلبية لأنها في حكم التثنية المطابق لقوله في الدعاء يارب يا رب بتكراره ثنتين ‏(‏سل‏)‏ ما شئت ‏(‏تعط‏)‏ أي أعطيك إياه معجلاً أو مؤجلاً أو أعوضك خيراً من المسؤول وفي رواية‏:‏ تعطه وذلك لأن من أسباب الإجابة بل من أعظمها الالحاح عليه تعالى والترامي على فضله وكرمه وعظيم ربوبيته ونواله‏.‏ وإنما يقول الداعي في جؤره يا رب يا رب بأداة البعد مع كونه أقرب اليه من حبل الوريد احتقاراً لنفسه واستبعاداً لها من مظان الزلفى ومنازل المقربين هضماً لنفسه وإقراراً عليها بالتفريط في جنب الله مع فرط التهالك على استجابة دعوته‏.‏ ذكره الزمخشري‏.‏ وقد احتج بهذا الحديث من ذهب إلى أن الاسم الأعظم هو الرب‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي‏.‏ وكذا أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي ‏(‏عن عائشة‏)‏ مرفوعاً وموقوفاً، أيا ما كان‏:‏ ضعيف، لأن فيه يعقوب الزهري لا يعرف عن الحكم الأموي مضعف‏:‏ لكن يقويه خبر البزاز‏:‏ إذا قال العبد يا رب يا رب - أربعاً - قال الله‏:‏ لبيك عبدي، سل تعط‏.‏

778 - ‏(‏إذا قال الرجل‏)‏ يعني الإنسان ‏(‏للمنافق‏)‏ أي الذي يخفي الكفر ويظهر الإسلام ‏(‏يا سيد‏)‏ بغير إضافة، وفي رواية يا سيدي ‏(‏فقد أغضب ربه‏)‏ أي فعل ما يستحق العقاب من مالك أمره المنعم بالإيجاد والتربية لأنه إن كان سيده وهو منافق فحاله دون حاله‏:‏ وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يكره استعمال اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك واستعمال اللفظ المهين المكروه فيمن ليس من أهله‏.‏ وهذا من ذلك القبيل‏.‏ قال الطيبي‏:‏ ومولانا داخل في هذا الوعيد‏.‏ بل أشد‏.‏ وكذا قوله أستاذي‏.‏ والكلام في حر قال ذلك عند أمن الفتنة‏.‏ أما لو قال عبداً وأمة لمالكه أو مالكها أو قاله حر لخوف الفتنة لو لم يقله فلا يدخل في هذا الوعيد والغضب من الله إرادة الانتقام من المغضوب عليه‏.‏ وفي الحديث إشعار بأنه لا يذم قول ذلك للمؤمن‏.‏ ويدل له الخبر الآتي‏:‏ قوموا إلى سيدكم‏.‏

- ‏(‏ك هب عن بريدة‏)‏ تصغير بردة وهو ابن الحصيب‏.‏ قال الحاكم صحيح‏.‏ ورده الذهبي بأن فيه عقبة الأصم ضعفوه اهـ‏.‏ وظاهر صنيعه أن كلا من مخرجيه رواه هكذا‏.‏ ولا كذلك‏.‏ بل لفظ رواية البيهقي في شعب الإيمان بعد يا سيد‏:‏ فقد باء بغضب ربه‏.‏

779 - ‏(‏إذا قالت المرأة لزوجها‏)‏ أو الأمة لسيدها ‏(‏ما رأيت منك خيراً قط‏)‏ أي فيما مضى من الزمان أو ما مضى من كوني في عصمتك ‏(‏فقد حبط عملها‏)‏ أي فسد وهدر وأبطل‏.‏ والمراد أنكرت ما سيق من إحسان الله لها الذي أجراه على يده وجحدته فتجازى بإبطال عملها‏:‏ أي بحرمانه ثوابه إلا أن تعود وتقر بإحسانه، وجائز أن يراد به الزجر والتنفير‏.‏ نعم إن كانت المقالة على حقيقتها فلا يلحقها هذا الوعيد‏.‏ والحبط أصله أن تكثر الدابة الأكل حتى ينتفخ بطنها وتفسد‏.‏ ‏[‏ص 412‏]‏ قال الزمخشري‏:‏ ومن المجاز حبط عمله، واستعير من حبط بطون الماشية إذا أكلت الخضر‏.‏

- ‏(‏عد وابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن عائشة‏)‏ وفيه يوسف التميمي‏.‏ قال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به

780 - ‏(‏إذا قام أحدكم يصلي من الليل‏)‏ أي إذا أراد القيام للصلاة فيه كقوله تعالى ‏{‏فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله‏}‏ عبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها للإيجاب‏.‏ قال الزجاج‏:‏ والقيام اسم لهذه الحركة المخصوصة من هذا المتحرك الذي بها يسمى قائماً‏.‏ فتلك الهيئة هي التي سميت قياماً بالنظر لحال انفصالها ويقوم وقم بالنظر لتوهم وقوعها ‏(‏فليستك‏)‏ أي يستعمل السواك ‏(‏فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه‏)‏ يحتمل أن المراد به كاتب الحسنات ويحتمل غيره ‏(‏فلا يخرج من فيه‏)‏ أي القارىء ‏(‏شيء‏)‏ من القرآن ‏(‏إلا دخل فم الملك‏)‏ لأن الملائكة لم يعطوا فضيلة التلاوة كما في خبر آخر، وأنهم حريصون على استماع القرآن من البشر، وفي إطلاقه القراءة في الصلاة إشارة إلى أن ذلك يكون في أي صلاة كانت فرضاً أو نفلاً‏:‏ ليلاً أو نهاراً، فذكره الليل أولاً لكون التهجد إنما هو ليلاً وهو يزيد على صلاة النهار بالنسبة للكمال، فوجه الكلام نحو الغالب‏.‏ وإلا فالنهار كذلك، بدليل ما رواه محمد بن نصر عن الزهري مرسلاً‏:‏ إذا قام الرجل يتوضأ ليلاً أو نهاراً فأحسن الوضوء واستن ثم قام يصلي أطاف به الملك ودنا منه حتى يضع فاه على فيه فما يقرأ إلا فيه‏.‏ وإذا لم يستن أطلق به ولم يضع فاه على فيه‏.‏ ثم قضية الحديث أن تلقف الملك القراءة إنما يكون فيما وقع في الصلاة بخلافه خارجها، وقد يوجه بأن الصلاة مظنة الفيوض الرحمنية فاجتماع شرف القرآن وشرف الصلاة يزيد دنو الأرواح القدسية‏.‏ وفيه ندب الإكثار من القراءة سيما في الصلاة وبيان فضيلة قراءة القرآن والسواك وإن كان الإنسان نقي الأسنان قويم المزاج واعتناء الملأ الأعلى بذلك وحرصهم عليه وفيه أن للملك جوفاً فهو رد على ابن عبد الهادي في قوله‏:‏ الملائكة صمد لا أجواف لهم‏.‏

- ‏(‏هب وتمام‏)‏ في فوائده ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن جابر‏)‏ ورواه أبو نعيم‏.‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ رواته ثقات‏.‏

781 - ‏(‏إذا قام أحدكم من الليل‏)‏ أي للتهجد في بعض الليل أو للقراءة فيه ‏(‏فاستعجم‏)‏ بفتح المثناة فوق‏:‏ استغلق ‏(‏القرآن‏)‏ بالرفع فاعل استعجم ‏(‏على لسانه‏)‏ إي ثقلت عليه القراءة كالأعجمي لغلبة النعاس ‏(‏فلم يدر ما يقول‏)‏ أي صار لنعاسه لا يفهم ما ينطق به ولا يدري لشدة نعاسه ما بعد اللفظ المتلو ليأتي به أو لا يقدر على النطق أصلاً ‏(‏فليضطجع‏)‏ للنوم ندباً إن خف النعاس بحيث يعقل المعقول ووجوباً إن غلبه بحيث يفضي إلى الإخلال ببعض الواجبات ذكره العراقي دافعاً به التعارض‏:‏ وقول ولده الولي لا وجه له لأن النعاس إذا اشتد قطع الصلاة فلا يحتاج لقطع‏.‏ لا اتجاه له‏:‏ كيف والمدرك في الوجوب خوف أن يغير كلام الله ويأتي بما لا يجوز من تحريف أو تغيير لمعنى أو وضع بعض أركان الصلاة في غير محل أو فعله على صورة غير مرضية، فإذا اشتد النعاس بحيث غلب على ظنه الوقوع في ذلك، فوجوب القطع في محل القطع‏.‏ ثم قضية الخبر أن الكلام في الفرض لا في النفل لحل الخروج منه‏.‏ وعبر بالاضطجاع لا لعدم حصول المقصود بحصول النوم قاعداً أو مستلقياً لأنه الهيئة المعهودة المحمودة‏.‏ وخص الليل والصلاة لا لإخراج الغير، بل لأنه الغالب، فيمنع الناعس من القراءة ولو نهاراً وفي غير الصلاة حذراً من تغير النظم القرآني، وإن كان في الصلاة قدر زائد، وهو أنه ما لم تتحقق قراءة الواجب لا صلاة‏.‏

- ‏(‏حم م د ه عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 413‏]‏ 782- ‏(‏إذا قام أحدكم من الليل‏)‏ ليصلي ‏(‏فليفتتح‏)‏ ندباً ‏(‏صلاته بركعتين‏)‏ لينشط لما بعدها، ويسن كونهما ‏(‏خفيفتين‏)‏ بأن يقتصر فيهما على أقل الكمال، ولا يستوفي الأكمل‏.‏ وحكمته - كما قال العراقي - استعجال حل عقد الشيطان وقال غيره في دليل لندبهما وهما مقدمة لصلاة الوتر ليدخل فيه بعد مزيد يقظته كما يسن تقديم السنة القبلية على الغرض لنحو ذلك، فكذا ندب هنا لتأكد الوتر، حتى اختلف في وجوبه‏.‏